من الممكن أن أدارة اوباما وزعماء الكونجرس قد برروا تجديد الحوار مع سوريا بسبب رغبتهم في تحريك عملية السلام في الشرق الأوسط ، فقد تجاهلوا المسألة ذات الأهمية التي تقع في قلب الخطر السوري على الامن القومي الامريكي وهي الدعم السوري للإرهاب الإسلامي المتطرف. كل هذا قد يبدو غير منطقي وغير مطابق للحقائق نظرا للخصومة الماضية بين الفئة العلوية التي يقودها النظام والاخوان المسلمين ، ولكن هناك أدلة دامغة تدل على أن الرئيس بشار الأسد قد غير الحسابات الاستراتيجية السورية و هذا الدعم للأرهاب أمر بالغ الأهمية للسياسة الخارجية للبلد.
الخلفية
في شباط 14، 2005 تم أنفجار ضخم أدى الى مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري اثناء مرور موكبه عبر بيروت. كل الأنظار وقعت على دمشق. أن قادة سوريا لديهم دافع: الحريري كان شخصية لبنانية بارزة عارض محاولاتهم لمنح الموالي الرئيس اللبناني اميل لحود فترة ثالثة غير دستورية. السوريون لديهم وسائل لتنفيذ مثل هذا الهجوم : إن جيشها احتل لبنان لأكثر من خمسة عشر عاما. الاستخبارات العسكرية السورية (شعبة المخابرات آلعسكرية) عملة بحرية في جميع أنحاء الدولة الصغيرة و تحافظ على شبكة عملية هناك. هدد الاسد الزعيم الحريري فعلا حسب مزاعم الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في لقاء بين الاسد والحريري من قبل أشهر قليلة قبل اغتيال الحريري ، الأسد قال له : “لحود هو أنا... وإذا انت و الرئيس الفرنسي جاك شيراك تريدون مني الخروج من لبنان ، سوف أكسر لبنان” ، وهذا تصريح يفسره جنبلاط على أنه تهديد بقتل الحريري.
في أعقاب الاغتيال أصبحت سوريا منبوذة على الصعيد الدولي. امين عام الامم المتحدة كوفي انان أفاد بعثة لتقصي الحقائق. هذه المهمة أدت إلى إنشاء منظمة دولية مستقلة تحقق في البداية من قبل لجنة برئاسة القاضي الالماني ديتليف ميليس. الرئيس الامريكى جورج دبليو بوش والرئيس الفرنسي جاك شيراك اثنين من الزعماء الذين نادرا” ما تتطابق وجهة نظرهم نحو الشرق الأوسط وافقوا على عزل سوريا دبلوماسيا. وزارة الخارجية الامريكية سحبت سفيرها مارغريت سكوبي وحافظت فقط على مستوى اقل من الوجود الدبلوماسي في دمشق. تحت ضغط هائل ، انسحب الجيش السوري أخيرا من لبنان. ولكن على مدى أشهر وسنوات لاحقه كما أن الاسد شعر بفراغ في التضامن الدبلوماسية الغربي و بدأ اعضاء من الكونجرس بتحدي البيت الابيض واعادة التواصل مع الأسد، بدأ النظام السوري في وضع التعاون مع محققي الامم المتحدة في الموقد الخلفي. و اليوم التعاون السوري مع المحكمة الخاصة للبنان التي اتت بعد اللجنة الأكثر طموحا للتحقيف، لا يعاد تذكر.
نهج تعامل أوباما مع سوريا
أسس باراك اوباما حملته الأنتخابية على محور التعامل “الأشتباك” لسياسته الخارجية. “عدم الحديث الى الخصم لا يجعلنا اقوياء بل يجعلنا كأننا متجعرفين” هذا ما اعلنه خلال حملته الأنتخابية. وفي خطابه الافتتاحي أعلن أن “أولائك الذين يتشبثون بالسلطة عن طريق الفساد والخداع وإسكات المعارضة، فعلموا أنكم على الجانب الخاطئ من التاريخ ولكننا سوف نمد اليد إذا كنتم على استعداد لبسط قبضتكم. “
اشار النظام السوري الى انها ستقبل عرض أوباما طالما ان البيت الابيض بسط يده قبل بسط يد القبضة السورية. في برقية تهنئة إلى أوباما ، الرئيس السوري اعرب عن “الامل في ان يسود الحوار للتغلب على الصعوبات التي عرقلت إحراز تقدم حقيقي نحو السلام والاستقرار والازدهار في الشرق الاوسط.”
في حين أن النظام السوري ما زال لم يتعاون بعد مع التحقيق في اغتيال الحريري ووقف رعايتها ودعمها للارهاب ووقف التدخل في لبنان أو التوقف عن مساعدة حزب الله في بناء قوتها الصاروخية، فأن إدارة أوباما تهدر وقتا في تخفيف الضغوط على دمشق. هذا الاندفاع للحوار تم من أجل خلق مناخ مساعد أكثر للمشاركة. في 7 مارس 2009، ارسلت وزارة الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية واعلى مسؤول اميركي يزور سوريا منذ أكثر من أربع سنوات الى دمشق لاجراء محادثات مع وزير الخارجية السوري. ودعة ادارة اوباما نهاية مفاجئة لهذا الموقف الذي بدأ أثناء إدارة بوش الذي نهي مسؤولون امريكيون من الحضورالى السفارة السورية في واشنطن عندما أرسلت فيلتمان وكبار مساعديه مجلس الأمن القومي لاحتفالات العيد الوطني السوري. مشاركة فيلتمان في هذا الأشتباك المتجدد كان رمزي نظرا لما كان يشغل سابقا” من منصب كسفير لبلاده لدى لبنان خلال ثورة الأرز من عام 2005 عندما قاد الهجمة الدبلوماسية لتخليص لبنان من النفوذ السوري وقواتها.
في 24 حزيران 2009، أعلنت وزارة الخارجية أنها سترشح مرة أخرى سفيرا للسفارة الامريكية في دمشق. ) وبعد شهر، أعلنت إدارة أوباما أنه ستقوم في تخفيف العقوبات على سوريا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إيان كيلي ان “السناتور (جورج) ميتشل [مبعوث الرئيس لشؤون الشرق الاوسط] قال للرئيس الاسد ان الولايات المتحدة ستوافق على جميع الطلبات المؤهلة للحصول على تراخيص التصدير في أسرع وقت ممكن.”
رغم أن هذا التخفيف لم يشمل تلك العقوبات التي فرضها الكونغرس في أعقاب اغتيال الحريري فإنها مع ذلك تعكس رغبة البيت الابيض لأعادة سورية من فترة البرود. ولن يتصرف الكونغرس بالضرورة لأيجاد الموازنة على هذا الحماس لدحر حتى تلك العقوبات. أقل من عامين فقط على اغتيال الحريري سافر أعضاء مجلس الشيوخ ارلين سبيكتر (ديمقراطي من ولاية بنسلفانيا) ، بيل نيلسون (ديمقراطي من ولاية فلوريدا) ، وجون كيري (ديموقراطي من ولاية ماساتشوستس) ، وكريستوفر دود (ديمقراطي من ولاية كونيتيكت) الى سوريا لتعزيز المشاركة . بعد أربعة أشهر قامت زعيمة الكنغرس نانسي بيلوسي بزيارة الاسد لنفس الغرض معلنة ان “الطريق الى دمشق هو الطريق الى السلام.”
هل يمكن لسوريا الطلاق من الأرهاب؟
أن عملية تغيير سوريا بعيدا عن تحالفها مع إيران تعد أولوية دبلوماسية لإدارة أوباما في سعيها الى تنشيط عملية السلام بالشرق الاوسط. العديد من الدبلوماسيين والمحللين الغربيين عبروا عن أملهم لأصلاح سوريا عندما يخلف الشاب ذو الثقافة الغربية بشار الاسد والده المتشدد حافظ الأسد رئيسا لسوريا عام 2000. ولكن ربيع دمشق أثبتت زائلة. سوريا لا تزال دولة بوليسية في الداخل مساعدة للارهاب في الخارج بسياسة متجذرة بثبات في رفض حق اسرائيل في الوجود ومعارضة للمصالح الأميركية في المنطقة. و تقول النظرية بأن اذ تم تغيير سوريا فسيتم تخفيف خطر حزب الله وحماس وغيرها من الجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة في العراق ، ويمكن أن تمكن سوريا بجمع قواتها مع لبنان في صنع السلام مع إسرائيل. وفقا لمارتن انديك مدير مركز سابان في معهد بروكينغز ان “سوريا هي محور استراتيجي للتعامل مع ايران والقضية الفلسطينية ، لا ننسى ، فإن كل شيء في الشرق الأوسط متصلا.”
السعي لإيجاد حل للصراع في الشرق الأوسط هو هدف نبيل. وحتى الآن فأن بناء هذا على قاعدة حسن النية السوري ليس ساذجا فحسب بل يتطلب مفهوم لسوريا ونواياها بطريقة غير واقعية. في حين أن الكثيرين في واشنطن وعواصم أخرى تواصل تصور سوريا باعتبارها دولة علمانية الى حد كبير وذي قيادة معادية أساسيا إلى الإسلام الراديكالي فأن اليوم القيادة السورية تشجع كلا من الإسلام الراديكالي و تنظيم القاعدة الدولي. والافتراضية التقليدية التي تعتمد على أن دعم الإسلام المتطرف يقتصر على المملكة العربية السعودية و أثرياء الخليج الفارسي الممولين له لم يعد صالحا. بشار الاسد يلعب لعبة خطبرة، أولا"، ليس فقط معادي لمصالح الولايات المتحدة على المدى القصير ولكن أيضا يوظف استراتيجية يمكن أن تقوض الاستقرار السوري على المدى الطويل.
لم يمض وقت طويل بعد بدء العمليات العسكرية ضد العراق فى أذار 2003 عندما بدأت وزارة الدفاع الامريكية بالتعبير عن قلقها من الدعم السوري للتمرد هناك. و في مؤتمر صحفي عقد في بغداد عام 2004، قال الجنرال ريتشارد مايرز رئيس هيئة الاركان المشتركة أنذاك بان “هناك أخرون من المقاتلين الأجانب ونحن نعرف بعين الصواب أن الكثير منهم وجدوا طريقهم إلى العراق عبر سوريا بالتأكيد. " ووفقا لبعض التقديرات ربما 80 في المئة من الأجانب المقاتلين الذين تسللوا الى العراق دخلوا عبر الحدود السورية. ) وهم كانوا الى حد بعيد المسؤلين عن معظم العمليات الانتحارية المدمرة في العراق. ووجد المحقق الايطالية في تجنيد المقاتلين الأجانب في إيطاليا أن “سوريا عملة كمركز لشبكة القاعدة. " و الرئيس السوري الأسد نفى مرارا أي تورط في تسهيل الارهاب في العراق. في عام 2007 قال لشبكة ايه بي سي دايان سوير : “إذا قمتم في تسخين [الإرهاب] فسوف يحرقك. ولو كان لدينا هذه الفوضى في العراق فسوف يمتد الى سوريا... لذا فإن هذا القول [ان سوريا تدعم التمرد في العراق] وهذا يشابه القول بان الحكومة السورية تعمل ضد المصلحة السورية. “
هناك افتراضين عاما” قد عاقا الفهم للشبكة الإرهابية. الأولى هي أن الجماعات السنية والشيعية أو الحكومات لا تتعاون. وبالتالي، فإن بعض العلماء يقولون انه من المستحيل ان يقوم النظام الايراني بتقديم الأسلحة لطالبان. في عام 2007، كتب جوان كول وهو استاذ في جامعة ميشيغان، “من بين التهم الأكثر أعجابا التي أدلى بها بوش ضد ايران هي ان الحكومة الأيرانية تقوم بنشاط بتسليح ومساعدة طالبان في جنوب افغانستان. وفي الواقع فإن حركة طالبان هي حركة سنية متطرفة أسفرت عن قتل أعداد كبيرة من الشيعة وايران الشيعية من غير المرجح أن تدعمهم. " إن الأدلة على ذلك هي ساحقة بوجود القوات الامريكية التي ضبطت حمولة شاحنة من الاسلحة الايرانية متوجهة إلى طالبان
حجة أخرى كاذبة وهي تنطبق تحديدا على سوريا، هي أن أنظمة الحكم العلمانية لا تدعم الجماعات الاسلامية المتطرفة. الحكومة المصرية على سبيل المثال غضت النظر منذ فترة طويلة لدعم ارهابيي حماس عبر الأنفاق من الاراضي المصرية. ليبيا أيضا قد شاركة في هذه الممارسة من خلال دعم المقاومة الاسلامية (جماعة ابو سياف الارهابية فى الفلبين حتى أن الزعيم الليبي معمر القذافي سعى إلى تقديم نفسه الى الغرب باعتباره حليفا في الحرب ضد الإسلام الراديكالي. لضمان الأمن القومي الأميركي، يجب على الولايات المتحدة القيام بتحليل الواقع بدلا من الصورة. رغم العداوة المعلنة للأسد تجاه الإرهاب الإسلامي و ترويج ضعف نظامه تجاه الإسلام الراديكالي، يبقى السجل السوري يظهر استعدادها ليس فقط لتقبل ولكن أيضا مساعدة الجماعات الاسلامية ومساعدة العنف الأتي من تنظيم القاعدة.
الأفتراضية التي تقول بأن الحكومة السورية لن تدعم الإسلام هي أفتراضية متأصل في تاريخ النظام المضطرب مع الاسلام الراديكالي. جماعة الإخوان المسلمين الأصليون المصريون أنشؤا فرعا في سوريا في أواخر 1950. ظلت المجموعة هادئة طوال عقدين من الزمن ، ولكن في عام 1979، بدأ الانخراط في الإرهاب وأشهرها عندما قتل أحد افراد المجموعة عشرات الطلاب العساكر العلويين قرب مدينة حلب. وبعد ثلاث سنوات 200 من الاسلاميين قاموا بتمرد في مدينة حماة السورية التي هي خامس أكبر مدينة في سوريا فقام الجيش السوري بتدمير قسما كبيرا من المدينة، مما أسفر عن مقتل ما بين 10000 و 20000 من المدنيين، بينهم نساء وأطفال. بعد أعقاب حماة، لاحظ العديد من المحللين أن الإخوان المسلمين في سورية نبذوا العنف وفقط الأيدي الواعية في سوريا لاحظوا ذلك. وخلف القشرة الخارجية للنظام العلماني، سعى حافظ الاسد في وقت لاحق إلى استمالة الإسلاميين.
في السنوات الأخيرة، ألقت الحكومة السورية باللوم على جماعات إرهابية محلية غامضة و غالبا” لم يكشف عن اسم جماعتها الاسلامي. في تموز 2005، أعادت الحكومة السورية الإرهابيين الإسلاميين إلى المملكة العربية السعودية وتونس على الرغم من أنه في أكثر الأحيان كانت دمشق ترفض تسليم الإرهابيين مما يشير إلى أن قرار الإفراج مرتبط بالحاجة الدبلوماسية على الفور بدلا من اللتزام المبدئي بمكافحة الإرهاب. لا تزال الحكومة السورية تسعى إلى تقديم صورتها بأنها المجنا عليها. في حزيران 2006، اظهر التلفزيون الوطنى في سوريا الذي يخضع لرقابة مشددة أعقاب معركة بالاسلحة النارية في دمشق بين الاسلاميين وقوات أمن الدولة، بما يوحي بأن الحكومة المحافظة جدا” على الأسرار الأمنية ارادت الأدلاء بنفسها كضحية للإسلاميين المتطرفين. أعلنت الحكومة السورية ان انفجار السيارة في دمشق يوم 27 ايلول 2008 الذي ادى الى قتل سبعة عشر شخصا بأنه دليل بأن المتطرفين الأسلاميين و في هذه الحالة جماعة فتح الأسلام، استهدفت البلد بسبب تعاونها مع جهود الولايات المتحدة الرامية الى تعزيز الأمن على طول حدودها مع العراق. و القاء النظر و اصابع الأتهام على جماعة فتح الأسلام قد يخدم صرف الشكوك بدعم الحكومة السورية لنشاطات المجموعة في لبنان. وهناك سابقة اخرى للعنف المركب مثل الهجوم على السفارة الدنماركية في دمشق خلال ازمة الرسوم الكاريكاتورية على النبي محمد تشير بان لربما على المحللين أخذ الأعتبار بأمكانية تزوير حوادث اخرى أيضا. عداوة الأسد المعلنة تجاه الأسلام الراديكالي و الجماعات المنتسبة للقاعدة منعكسة في الكراهية التقليدية للقاعدة تجاه النظام العلوي في سوريا. و قبل عام من هجمات 11 ايلول، قائد تكتيكي من جماعة القاعدة عمر عبد الحكيم المعروف باسمه العملي أبو مصعب السوري، قام بكتابة جدل مطول ضد النظام السوري. أبو مصعب السوري وصف ‘العلويين بأنهم زنادقة، منحدرين من الشيعة المتعصبين من اليهود والزرادشتيين. وعن حماه، قال انه ليس فقط حياة أكثر من 45000 شخصا من المدنيين السنة قتلت ولكن أيضا استمرار قوات الأمن السورية بقتل 30000 شخصا أضافيا من المسلمين السنة على مدى اربعة عشر عاما. وبعد خطابه الديني حول معنى وضرورة الجهاد، ختم ابو مصعب السوري بقوله: “لا يجوز للمسلمين أن يبقوا تحت حكم [العلوية] لحظة واحدة... ولا بد من السعي لقتلهم وتطهير سوريا الكبرى من وجودهم ومن وجه الأرض، كما ينبغي قتلهم كأفرادا وجماعات، يجب على المسلمون السنة القيام بكمين وقتلهم جميعا. “
ومثل هذه الكراهية هي حقيقة، لكن في الشرق الاوسط التحالفات تتحول و العداوة يمكن تأجيلها. الأعداء يتعاونون ضد اولئك الذين يُعتبرون تهديدا متبادل”. ايران وحركة طالبان الذين بالكاد تحبا بعضها البعض كانا على حد صراع عسكري في عام 1998 ومع ذلك وجدا نفسهما متحالفتان بعد عقد واحد في جهود رامية إلى تقويض الجهود الامريكية لتحقيق الأستقرار في أفغانستان. من أجل كل ما قدمه من وعود دبلوماسية حول عدم التعاون مع الإرهابيين فأن الأدلة على أن بشار الأسد يساعد ويحرض تنظيم القاعدة هي دامغة.
السوريون في التمرد العراقي
في أيلول 2007، أكتشفت القوات الامريكية في بلدة سنجار شمال العراق اثني عشر ميلا من الحدود السورية أجهزة كمبيوتر ومخبأ للوثائق التي شملت سجلات لأكثر من 600 من المقاتلين الاجانب الذين تسللوا إلى العراق في الفترة ما بين ربيع 2006 وصيف 2007. والوثائق تظهر وجود نمط من السلوك السوري على خلاف التصريحات المعلنة للنظام ومواقفها الدبلوماسية. في حين أن السجلات تدل بأن الجنسية السورية كانت الجنسية لـ44 دولة فقط من المقاتلين الاجانب خلف السعوديين (237) والليبيين (111)، لكن السوريين هم الذين نسقوا إدراج تقريبا كل المقاتلين المذكورين في العراق. والإدراج للسعودية الارهابيين هو مفيد، خاصة بسبب مشاركة المملكة العربية السعودية حدود طويلة ومليئة بالثغرات مع دولة العراق. الجهاديين السعودي أختاروا السفر الى العراق عن طريق سوريا لأن الاسد تسامح مع شيئء لم تتسامح معه القيادة السعودية. ومن الممكن أيضا أن مجموع أعداد السوريين ممثلة تمثيلا ناقصا لأن السوريين شكلوا الغالبية العظمى من المحتجزين في سجن معسكر بوكا وهو معسكر الاعتقال الرئيسي للولايات المتحدة في العراق.
الجهاديين السوري أنفسهم يأتون من كل انحاء سوريا على الرغم من أن معظمهم من منطقة دير الزور المجاورة للعراق. لا يزال البعض الآخر يأتون من اللاذقية وهي محافظة منزل عائلة الاسد ومن دمشق وحمص وحلب. وبما ان العدد هو مجرد أربعة وثلاثين فردا” فأن حجم العينة من السوريين المدرجة في سجلات سنجار صغير جدا لأستخلاص استنتاجات نهائية حول جذور جميع الجهاديين السورية، لكن من الواضح أن المتطرفين يأتون من جميع انحاء البلد.
سجلات سنجار تذكر أيضا بالتفصيل أساليب التوظيف. فمعظم الجهاديين هم من “الإخوان” ليس بالضرورة من جماعة إخوان المسلمين، وإنما هؤلاء الذين ينظر اليهم من قبل المجندين بأنهم متدينين أو هم أعضاء في جماعات متطرفة. الأصدقاء والأقارب أيضا جندوا شباب سوريين للبعثات الأرهابية في العراق. وأشد إدانة لرفض الحكومة السورية من ذنب تسهيل الارهاب هو سجلات سنجار المؤشرة على أن المجندين وصلوا الى العديد من السوريين من خلال شبكة الإنترنت. نظرا للمراقبة السورية الصارمة للأتصالات الالكترونية، فأن التصريحات السورية بانهم لا يعرفون عن هذه الأنشطة من التجنيد على ترابهم لا تتمتع بالمصداقية.
جلب الأنتباه على مدى وشدة هذه الجهود التوظيفية هو بسبب أن ما يقارب من الثلثين من المواطنين السوريين الذين تطوعوا للجهاد في العراق وجميع أولئك الذين تم تجنيدهم الأولي من خلال شبكة الإنترنت أصبحوا أنتحاريين. تجنيد الانتحاريين الارهابيين هي عملية معقدة لأنها تتطلب فحص نفسي وتلقين وأذ أدعت الحكومة السورية على عدم علمها بهذه الأنشطة الخاصة في البلدات والمدن والمساجد فأن مستقبل أستقرار سوريا لا يمكن افتراضه. بل هو من المرجح أن النظام السوري اختار أن يغمض عينيه لتجنيد الإرهابيين على أراضيها. مرة أخرى، ينبغي لهذه العين السورية الغامضة ان تثير مخاوف بشأن استقرار البلاد في المستقبل بسبب المؤشرات إلى وجود ضعف في رد فعل سلبي أذ قام هؤلاء الإرهابيين الإسلاميين بالعودة الى سوريا والأنقلاب على نظام الأسد.
نفي الحكومة السورية لتسهيل حركة الأرهابيين الإسلاميين هي أقل مصداقية نظرا لدور البلاد كنقطة عبور للمقاتلين المتطرفين والأسلحة. تقريبا كافة السعوديين والليبيين والمصريين والجزائريين والكويتيين واليمنيين والمغاربة عبروا سوريا للوصول الى العراق. فسوريا هي دولة بوليسية. فمن غير المعقول أن حكومته ليست على علم بعبور أعداد كبيرة من الرعايا الأجانب وبعضها القادمون من خلال طريق مطار دمشق الدولي والبعض الآخر عبر الحدود من الأردن وتركيا. ولا يمكن للحكومة السورية مجرد القاء لوم غاضب وعفوي على احتلال الولايات المتحدة للعراق : إن العديد من المقاتلين الاجانب الذين اجتازوا سوريا وأكثر من خمس السوريين ممثلة في سجلات سنجار قدموا تبرعات نقدية لتنظيم القاعدة في العراق وغالبا التقدمات أكثر من 1000 دولار ، وفي بعض الحالات أكثر من 10000دولار. فأذ كان جهادي غاضب يريد حمل السلاح و عبر الحدود فهذا شيء واحد أما الحصول على المعلومات الضرورية للتبرع لتنظيم القاعدة وفعلا نقل الاموال فهذا يتطلب مزيد من التوجيه.
فطرق العبور الخفية التي تعبر عن طريق سوريا هي مربحة ليس فقط لتنظيم القاعدة ولكن أيضا لكثير من السوريين. تهريب البشر عبر الحدود السورية مع العراق هي قضية معقدة ومربحة. المهربين يرشون حرس الحدود وحسب حجم العملية فهم يرشون مسؤولون في دمشق. أدخال الأفراد عبر الحدود يتطلب وثائق مزورة والحصول عليها يعتمد على الفساد في المكاتب الحكومية السورية. من أجل تهريب البضائع الحساسة عبر نقاط التفتيش الحدودية فهذا يتطلب معرفة المهربين على معلومات استخباراتية حول جدول التناوب للموظفين عند الحدود. هذا بدوره يشير إلى تواطؤ من أعلى المستويات في النظام السوري. في الواقع، العديد من مسؤولي الاستخبارات السورية يتلقون المال لتحويل أعينهم عن هذه الأمور. وفي حين طلب الحكومة السورية بالمكافئة لمنع تسلل الإرهابيين بعد الحصار الامريكي لمدينة الفلوجة في صيف عام 2004، قام الجهاديين والمساعدون في انشاء شبكة معقدة من منازل آمنة على الجانب السوري من الحدود لتمكين استمرار تدفق المقاتلين الى العراق. وبعد الاستيلاء على مدينة الفلوجة، عثرت القوات الامريكية على صور فوتوغرافية لزعيم جيش محمد قائد المجموعة المتمردة في أجتماع مع مسؤول سوري رفيع المستوى. وفي حين رفض المسؤولون تسمية المسؤول السوري، قام السفير العراقي في سوريا بالأحتجاج لدى الحكومة السورية عن هذا الأمر.
تصف وثائق سنجار شبكة من المنسقين السوريين الذين يسهلون السفر عبر سوريا مقابل مبلغ ما بين 19 دولارا و 34584 دولار لقاء خدماتهم، والفارق يبدو متوقفا على جنسية الجهاديين و مطالب المنسق السوري. فالسعوديين دفعوا حوالي معدل 2500 دولار. ومع ذلك فإن خطط التسعير المختلفة التي يقدمها مختلف المنسقون توحي توازي العملية لشبكات متعددة بدلا من شبكة تنسيق واحدة. وبينما ساعدة الروابط القبلية عبر الحدود عملية التسلل كذلك على ما يبدو القوات الأمنية الذين طردوا من لبنان. هذه الأخيرة زادة من شبكات التهريب الى العراق من اجل تعويض الدخل الضائع عندما انسحبت القوات السورية من لبنان. ولأن قوات الأمن السورية هي من اختصاص ‘العلويين” فتورط قوات الأمن في عمليات التهريب وفي ضرائب التهريب يوحي بتواطؤ مباشر للنظام. بالفعل يوم 6 ديسمبر من عام 2007، قامت وزارة الخزانة الامريكية بتوجيه الأتهامات الى سبعة أشخاص مقيمين في سوريا كموردين للدعم المالي لحركة التمرد في العراق. ستة منهم كانوا أعضاء في الحزب البعث السوري.
ماثيو ليفيت، المحلل السابق في مكتب التحقيقات الإرهابية الفدرالي والآن وهو زميل بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، سلط الضوء على حالة الفرد المعروف بفوزي الراوي. “مدى الدور السوري في أنشطة الراوي جديرة بالذكر” أوضح ليفيت، “الراوي عين في منصبه في حزب البعث السورية من قبل الرئيس السوري بشار الأسد عام 2003.” لاحظ ليفيت ان وزارة الخزانة وجدت أن الراوي “يدعم ماليا” من الحكومة السورية، وله روابط و علاقات وثيقة مع المخابرات السورية.”
السوريون في الجهاد الدولي
دعم نظام الأسد لتنظيم القاعدة يمتد الى أبعد من مسرح العمليات العراقي. قال ريان ماورو مساعد مدير المخابرات في مكافحة الإرهاب والحرب الالكترونية ومركز الاستخبارات: “كثير من المؤامرات الدولية لتنظيم القاعدة لها صلات سورية”. وروى ايضا صلات سورية لتنظيم القاعدة في هجمات الاردن والمغرب. على سبيل المثال، خلية أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق كان مقرها في سوريا. مجموعة الزرقاوي كانت مسؤولة عن اغتيال 28 أكتوبر 2002 الدبلوماسي الاميركي لورانس فولي في عمان الأردن، فضلا عن قتل العديد من الجنود الامريكيين في العراق.
فقد أفيد أن واحدا على الأقل من الانتحاريين من الجماعة الاسلامية المغربية المجاهدة (المغربية التابعة لتنظيم القاعدة التي أعلنت مسؤوليتها عن هجمات أيار / مايو 2003 الانتحارية على المطاعم والفنادق والقنصلية البلجيكية في الدار البيضاء) قد تدرب في سوريا. وفي عام 2004، الطلاب الاجانب المسجلين في المدارس الإسلامية في سوريا شاركوا في التفجيرات الارهابية في اسرائيل وتركيا. وربما ينفي المحللون الهجوم على اسرائيل بسبب السياسة السورية طويلة الأمد، ولكن الهجمات في تركيا وقعت في وقت كانت فيه الحكومة التركية متعاطفة ومساعدة للنظام في دمشق لتخفيف عزلته الدولية. ويزعم مسؤولون بوزارة الدفاع الامريكية ان مصطفى الأوزيتي (أبو فرج الليبي) من أحد كبار مسؤولين القاعدة الذي تم القبض عليه في باكستان من قبل الاستخبارات الباكستانية في 2 مايو 2005 أنه اجتمع مع عدد من الإرهابيين في سوريا من أجل التخطيط لهجمات ليس فقط على الأمم المتحدة وإنما أيضا أوروبا وأستراليا. تفادت السلطات الاردنية بصعوبة هجوم ضخم من ارهابي في وسط عمان والتي تقدر السلطات الاردنية انه من المحتمل قد أدى الى قتل 80000 شخص.
في عام 2005 بعد طردها من لبنان، استخدم النظام السوري ما لديه من اتصالات بالمجهاديين في محاولة لزعزعة استقرار الحكومة اللبنانية بواسطة رعاية فتح الاسلام التابع لتنظيم القاعدة التي أثبتت وجودها في مخيم نهر البارد وهو مخيم للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان. تدل تقارير الأستجواب للحكومة البنانية ان الجهاديين الملقى القبض عليهم كان لديهم اتصالات مع المخابرات السورية. و الخلاية الجهادية في العراق تحدثة عن المحاربين السوريين القدامى من جند الشام في لبنان. ) وحتى 26 تشرين الاول 2008 فان نائب الزرقاوي سليمان خالد درويش (أبو الغادية) استمر في تلقي ملاذ آمن في سوريا الى ان قتل من قبل هجمة امريكية من العراق. وبعد وفاة درويش استلم سعد الشمري مهمته في تسهيل شبكة عبور المقاتلين الاجانب وتابع لتشغيلها من داخل سوريا. والقائمة طويلة بما فيه الكفاية لتشير إلى صلة سورية بتنظيم القاعدة بشكل اساسي وليس أستثنائي. فأن الحكومة السورية تعتبر شريك في مساعدة جماعة ارهابية بسبب توفير الملاذ الآمن كما كان نظام طالبان في أفغانستان.
ازدواجية النظام
هناك تفاوت متزايد بين الصورة التي يسعى النظام السوري لنقلها - بأنها تتعاون في الحرب على الارهاب من خلال اتخاذ اجراءات صارمة ضد المتشددين الاسلاميين والواقع هو أن كبار المسؤولين السوريين يدللون ويحمون الإسلاميين الراديكاليين وعملاء القاعدة. ومن الغريب أن التقارير الواردة من المنظمات الدولية مثل منظمة العفو الدولية قد وفرت للنظام السوري بالشرعية الدولية من خلال تأييد دعوتها إلى التعصب للمتشددين الاسلاميين. وانتقدت منظمة العفو الدولية النظام لإلقاء القبض على اثني عشر والحبس لعشرة مزعومين اسلاميين في دير الزور وكذلك اشتكة من القاء القبض على اسلامي عاد الى سوريا في طريقة “غير مشروعة الى سوريا من قبل السلطات الامريكية.” هذه الانتقادات قد تكون صحيحا ولكن من دون السياق الصحيح لأنها توحي بأن النظام معارض بعداوة كاملة للأسلاميين.
وفي الواقع فأن موقف رئيس الأسد هو أكثر دقة. وسائل الاعلام تلعب دورا في إقرار الصورة المركبة بعناية للنظام والتي قبلت بطريقة عمياء من قبل العديد من الصحفيين والاقتصاديين، على سبيل المثال، القاء ظلالا من الشك على أحداث 26 أكتوبر 2008 حيث قامت قوات الكوماندوس الامريكية غارة على مجمع في سوريا والذي يدعي مسئولون أمريكيون انها تسببت في مقتل مسؤول كبير في تنظيم القاعدة. “وما الذي يجعل الغارة غريبة هو أن السلطات السورية أنفسهم شرعوا في مواجهة وطنية ضد أنواع القاعدة في سوريا ،" وذكرة المجلة على ما يبدو ان الحملة السورية كانت أكثر جوهرية من أنها للعرض.
لي سميث، محلل بالأمور السورية و باحث في معهد هدسون تكهن بأن أي حملة سورية على الجهاديين الاجانب قد تكون مجرد حساب خبيث. “دمشق تملك ورقة مهمة ضد السعوديين الذين يخشون من ان سوريا تحتجز عدة مئات من المقاتلين السعوديين في السجن"، كما يقول بأن “دمشق قد تحرج السعوديين عبر الإعلان عن وجود هؤلاء المتطرفين أو أسوأ من ذلك قد تسمح لهؤلاء الجهاديين في العودة إلى ديارهم لقتال بيت آل سعود ".
فقد يكون دافع الأسد متعدد الأوجه. تكهن عبد الحليم خدام نائب الرئيس لكلا من بشار الأسد وحافظ الاسد والآن أبرز شخصية معارضة في المنفى بأن بشار راهن على أن شعبية تمكين المقاومة تفوق مخاطر استعداء الولايات المتحدة. “محاربة الأميركيين في العراق خطير جدا... لكنها أيضا تعطي بشار شعبية تحت راية المقاومة، أي شيء هو شعبي.”
استنتاج
تقترح الثورة الاسلامية الايرانية عام 1979 بأن الحكم الديني قد يكون موجة المستقبل وليس مثالية الماضي. و بعد ثلاث سنوات، فأن حافظ الاسد في “قوانين حماه " (كما بارك الكاتب توماس فريدمان الحملة الدامية ضد جماعة الإخوان المسلمين) كانت بمثابة جرس إنذار للاسلاميين. وبأسقاط العلمانية، صعدت الحكومات الوطنية الى قمة جدول أعمالها ، ولكن المهمة لن تكون سهلة ولا محتومة.
بعد تثبيت حافظ الاسد مجددا لسلطته، بدأت الحكومة السورية بهدوء في استخدام الدين لاستمالة هؤلاء الذين قد يكونوا منجذبين للأخوان المسلمين ورسالتهم. فقام النظام السوري بتوميل المساجد ودعم رجال الدين وقامت ببث برامج دينية أكثر على التلفزيون الذي يخضع لرقابة رسمية مشددة. ومثلما أحُتضن صدام حسين في العواصم الغربية بسبب العلمانية القوية والعداء للإسلام السياسي، وجد صدام الدين بعد هزيمة “عملية عاصفة الصحراء” في عام 1991، لذلك، أيضا نظام الأسد تحول تجاه الدين بسخرية مثل نظام صدام حسين، فإنه يسعى إلى الحفاظ على صورة من العداء للإسلام الراديكالي.
أيد بشار الأسد في اجتماع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ومجلس لوزراء الخارجية المنعقد في دمشق 23 ايار 2009 عنوان المجموعة “تعزيز التضامن الإسلامي” الذي ادان “الحملة الشرسة ضد الاسلام التي تهدف الى تشويه صورة الأسلام بوصفها إطارا مرجعي من حيث الحضارة والدين لشعوبنا "، وناشد القادة العرب المجتمعين لكي يكونوا محافظين أكثر دينيا ، معلنا، " كيف يمكننا الدفاع عن الدين الذي فشلنا في الاضطلاع بألالتزامته: هذه التزامات التي تتضمن توحيد صفوفنا ومواقفنا وذكر كلمة الحق ضد الغطرسة والدفاع عن الشرف والكرامة ضد أولئك المعتدين؟ " على الرغم من أن الأسد تشدق لتقليص الحد من الارهاب (حتى في خطاب مشبع نسبيا” بالأخلاقية)، فتصويره للتهديد الذي يتعرض له الاسلام من قبل الغرب جلب الفكر الناهض ضد الغرب لعبد الله عزام المعلم الفكري لأسامة بن لادن أكثر مما فعلت القومية العربية لجمال عبد الناصر أو مؤسس حزب البعث ميشال عفلق .
سوريا الآن تتصرف مثل المملكة العربية السعودية في عام 1990 و أوائل الـ2000 عندما اختارت تصدير التطرف الاسلامي في الوقت الذي أنكرت مسؤوليتها الجنائية وتعرضها لهجمات من نفس الزاوية. يجب على الأسد أن يصغي للتاريخ، ولكن تماما كما ردة القاعدة بضربت المملكة العربية السعودية في نهاية المطاف أيضا يمكن أن تعود لتهديد سوريا ما دامت دمشق تقوم في تدليل ودعم الجهاد على النطاق الخارجي.
في الواقع، يبدو أن باحثون تنظيم القاعدة غير عمياء لمثل هذه الأمكانية. من بين الوثائق التي عثر عليها في مخبأ سنجار كان هناك وثائق مطولة ومفصلة عن الدروس المستفادة من الحملة العنيفة للأخوان المسلمين في سورية. فقد وجدت أن الأخوة أفتقرت الى خطة شاملة وكانت منقسمة إلى مجموعات كثيرة جدا وفشلة في عملية التلقين بشكل كافي وكان لديها علاقات عامة ضعيفة وكانت تعتمد بشكر كبير على الموارد الخارجية. ألقت القاعدة اللوم في فشل الجهاد في سوريا على فشل قيادة جماعة الأخوان المسلمين و لكن وجدت ان معظم أعضاء القاعدة أبرياء و بعض من القيادة المتوسطة و روبما عدد قليل من القيادة العلية و هؤلاء المؤمنين أتجهوا إلى الجهاد بدافع حقيقي و أرادوا من قادتهم التصرف، لكن للأسف جميع جهودهم ذهبت سدى... على الرغم من وجود احتمالات كثيرة، كانوا مثالا للجهاد الجيد من خلال العمل بجد ومثابرة وبصمت وتجنب الخلافات الحزبية الداخلية ". وجدا محللون القاعدة بأن الارض في سوريا لا تزال خصبة للجهاد أذ قرر تنظيم القاعدة اشعال شرارت الحركة التي تعلمت من دروس الماضي.
فأن إدارة أوباما قد تأمل بتشجيع بشار الأسد بوصفه شريكا للسلام ولكن لا ينبغي للطموح الدبلوماسية أن تفوق على الحقيقة. فأن الاسد يلعب بالنارأكثر بكثير مما يمكن لسوريا ان تحترق.
مايكل روبن: باحث مقيم في معهد المشاريع الأمريكي، وهو محاضر في كلية الدراسات العليا للبحرية الأمريكية.