قبل عامين يوم الأحد، وقف الرئيس دونالد ترمب في حديقة البيت الأبيض ودعا الإمارة الصغيرة الغنية بالنفط قطر إلى “إنهاء تمويلها لـ “الإيديولوجية المتطرفة” والعودة إلى “وحدة الدول المسؤولة”. وفي تحرك قاسٍ انطلاقًا من هذه التصريحات، سيبدأ أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي هذا الأسبوع في النظر في مشروع قرار قدمه السناتور راند بول (جمهوري عن ولاية كنتاكي) الشهر الماضي لوقف بيع معدات عسكرية جديدة إلى قطر.
وجاء بيان ترمب بعد أقل من ثلاثة أسابيع من إلقاءه خطابًا في قمة في الرياض حضرها أكثر من 50 قائدًا من قادة العرب والمسلمين، وبعد أيام فقط من قيام تحالف من الدول العربية، بما في ذلك السعودية والبحرين ومصر والإمارات، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وإغلاق مجالها الجوي وممراتها البحرية وخطوط النقل البري إلى الإمارة.
وقال وزير سعودي في ذلك الوقت إن أسباب هذا الانقسام هو دعم قطر للمنظمات الإرهابية مثل القاعدة وحماس وداعش، ودعمها زعزعة الاستقرار الإقليمي إيران؛ ودور الجزيرة ووسائل الإعلام القطرية التي تمولها الحكومة في إثارة الاضطرابات في المنطقة. كل هذا حدث وسط زيادة هائلة في الإنفاق العسكري القطري خلال العقد الماضي.
في الأسبوع الماضي، أظهرت قطر نهجًا ذو وجهين تجاه الشؤون الإقليمية من خلال التوقيع أولاً على اتفاقية مكة لمنظمة التعاون الإسلامي التي تركز على توحيد العالم العربي ضد التجاوزات الإيرانية في المنطقة. وبعد ذلك بيوم، أبدى وزير الخارجية القطري تحفظاته حول الاتفاقية، مشيرًا إلى أن “قطر لديها تحفظات تجاه سياسة القمم العربية والخليجية تجاه إيران لأن بعض شروطها تتعارض مع سياسة الدوحة الخارجية”.
وأشار وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش إلى أن موقف قطر قد يكون نتيجة “للضغط على الضعيف الذي يفتقد السيادة أو بسبب النوايا غير الصادقة أو غياب المصداقية”.
وللأسف، ففي وقتٍ تسعى فيه الولايات المتحدة لتضييق الخناق الاقتصادي بحق إيران، وبينما تستمر المعارضة الإقليمية لقطر دون توقف، فإن هُنالك ترددٍ كبيرٍ من الولايات المتحدة من حيث مسائلة قطر. ويأتي ذلك على الأرجح بسبب الضغط القوي من جانب قطر، ومقاومة كبار أعضاء الإدارة الذي يخشون أن اتباع سياسة أقوى تجاه قطر قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرارـ والتركيز الخاطئ من جانب العديد من أعضاء الكونغرس على أوجه القصور المزعومة من السعودية، حليفة الولايات المتحدة وعدو قطر الرئيسي من بين العرب.
وكانت نتيجة ذلك: رسالة ضبابية للإمارة والافتقار إلى استراتيجية شاملة لتغيير سلوكها. فمن جانب، تقوض قطر سياسة الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي تجاه إيران، وفي نفس الوقت تواصل الإمارة في الاستفادة من سخاء الولايات المتحدة.
ومن شأن مشروع القرار هذا إرسال رسالة قوية. |
لقد حان الوقت لتغيير ذلك. حيثُ من شأن مشروع قرار مجلس الشيوخ المُشترك أن يوحد تحالفًا مُؤيدًا للحلول السلمية في الكونغرس، غالبًا ما يكون بقيادة السناتور بول الذي يرغب في الحد من مبيعات الأسلحة بشكل عام، وعناصر مُؤيدة للشدة ترغب في عزل إيران وحلفائها. وإن مشروع القرار ذلك يُحقق كلا الغايتين.
ومن شأن مشروع القرار هذا إرسال رسالة قوية تتمثل في: طالما أن الإمارة مُستمرة في دعمها النشط للأنظمة والجماعات التي تعمل بشكل مباشر ضد الولايات المتحدة وحلفائنا، فلا يُمكنها الاتكال على الدعم الأميركي المُستمر.
يعتقد القطريون أن أيادي الولايات المتحدة مُقيدة بسبب استضافتهم لأكبر منشأة عسكرية أميركية في المنطقة، قاعدة العديد الجوية، في وقتٍ تُقاتل فيه الولايات المتحدة الجهاديين، وتُكافح القوة المتنامية لوكلاء إيران الإقليميين، وتستمر في حربها في أفغانستان. ومع ذلك، يعتقد بعض المحللون أن هُنالك العديد من الدول الأخرى في المنطقة والتي يُمكن للولايات المتحدة أن تُنشئ فيها قاعدة جوية مُماثلة وجميعُهم يُعدون حلفاء يُمكن الثقة بهم بواقع يفوق الثقة في قطر.
وعلى الرغم من أن نقل القاعدة سيستغرق وقتًا، إلا أن المسألة قد لا تصل إلى ذلك الحد إذا ما شرعت الولايات المتحدة حالًا في إرسال رسالة مفادها: لم تعد قطر تملك حُريةً مُطلقة لتقويض مصالح الولايات المتحدة وحلفائها. وينبغي على الولايات المتحدة البدء في إلغاء توسيع قاعدة العُديد الجوية. ولكن الطريقة المُثلى لإقناع الإمارة بضرورة إنهائها لأنشطتها المُزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط تتمثل في حرمان قطر من هذا النوع من المعدات العسكرية المُتقدمة والتي تُقدمها الولايات المتحدة إلى حُلفائها.
ينتظر حلفاؤنا مشاهدة ما سيحدث في الكونغرس خلال هذا الشهر. |
ينتظر حلفاؤنا مشاهدة ما سيحدث في الكونغرس خلال هذا الشهر. فإن استمرت الولايات المتحدة في تقديم المساعدة لبناء القوة العسكرية لدولةٍ أظهرت عدائيتها تجاه المصالح الأميركية، فإنهم سيكونون أقل ميلًا نحو بذل جهودٍ إضافة من حيث دعم الجهود الأميركية في كبح إيران أو دعم الرئيس ترمب بشأن خطة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
أما فإن عادت الولايات المتحدة إلى كلمات الرئيس ترمب التي ادلى بها قبل عامين مضت واستعانت بنفوذها الكبير في سبيل كبح جماح قطر، فإن أميركا بذلك تكون قد أوفت بالتزاماتها تجاه حلفائها. ولدى الكونغرس دور يقوم به وينبغي أن يستهل ذلك بتمرير مشروع قرار السناتور بول بعدم الموافقة على مبيعات الأسلحة إلى قطر.
*نقلاً عن صحيفة “ذا هيل” الأميركية