بينما تكثر وتزدهر المساجد فى أمريكا تتلاشى الكنائس فى البلاد الإسلامية

Translated by: Isis

يقوم المسلمون حاليا بعمل حثيث لإقامة أضخم جامع ومركز إسلامى قرب موقع جريمة الحادى عشر من سبتمبر البشعة. لذا يجدر بنا أن نعرف أن مشاعر التسامح وربما اللامبالاة التى تسمح لهم بإقامة هذا المشروع هى بالفعل مشاعر غير متبادلة فيما يخص بناء الكنائس فى العالم الإسلامى.

لا أتحدث هنا عن اعتداءات الإسلاميين على الكنائس مثل الاعتداء الذى وقع ليلة رأس السنة على كنيسة القديسين فى مصر حيث قتل أكثر من 21 مسيحيا، أو عن حادثة اقتحام الجهاديين لكنيسة بالعراق وذبح أكثر من 50 مسيحيا، ولا عن الهجمات ليلة عيد الميلاد على الكنائس فى نيجيريا والفلبين. كما أننى لا أتحدث عن الأعمال العدائية التى تقول بها الدولة ضد المسيحيين فى البلدان ذات الأنظمة الإسلامية المتشددة كما هو الحال فى إيران التى قامت مؤخرا بحصر ومحاصرة المسيحيين.

إنما أتحدث هنا عن حكومات الشرق الأوسط التى تعتبر “معتدلة” وعن سياساتها المناهضة للكنائس، ففى الكويت مثلا وبدون أى مبرر رفضت الحكومة طلباً لبناء كنيسة. ونفس الشيء حدث فى أندونيسيا حتى اضطر المسيحيون للاحتفال بقداس عيد الميلاد فى موقف للسيارات بينما تجمهر حوالى ألف من المسلمين وقاموا بحرق كنيستين. فإذا كان هذا هو حال الكنائس فى الدول “المعتدلة” مثل الكويت واندونيسيا فما هو حالها فى بقية دول العالم الإسلامي؟ (وربما علينا هنا أن نتذكر أن الكويت تدين باستقلالها وسيادتها لتضحيات الولايات المتحدة فى حرب الخليج الأولى).

تعيش فى مصر أكبر الأقليات المسيحية فى الشرق الأوسط وهم الأقباط إلا أن مصر تعتبر مثال صارخ على الدول ذات السياسات المناهضة للكنائس. لقد حدث فى أثناء حكم مبارك فقط أكثر من ألف وخمسمائة اعتداء على الأقباط. وتؤكد هيئة التضامن القبطى أن كل هذه الاعتداءات مرت دون أى عقاب لمرتكبيها ودون أى تعويض للضحايا.

و من الملاحظ ،بدايةً، أن قوات الأمن المصرية لديها عادة غريبة هى الاختفاء تماماً قبل أى هجوم على الكنائس كما حدث فى تفجير كنيسة القديسين ليلة رأس السنة. ومن عادة قوات الأمن أيضا فى حوادث الاعتداء على الأقباط أن تصل إلى موقع الاعتداء بعد وقوعه بوقت طويل. عندما قتل ستة أقباط لحظة مغادرتهم الكنيسة بعد قداس عيد الميلاد العام الماضى احتاجت قوات الأمن ل"ساعات” للوصول إلى مكان الجريمة. كل هذا ليس بمستغرب خاصة إذا تذكرنا إنه قبل أسابيع قليلة فقط قام أحد أفراد الشرطة بإطلاق النار على عدد من المسيحيين فقتل رجل فى الحادية والسبعين من عمره وجرح آخرين بعد أن صاح “الله أكبر” ، صيحة المسلمين عند بدء القتال منذ القرون الوسطى.

بدأت مأساة الكنائس فى مصر منذ القرن السابع الميلادى عندما جاء الغزو الإسلامى إلى مصر فاحتلها وأخضع شعبها الذى كان يدين بالمسيحية آنذاك . وضع هذا الاحتلال الإسلامى “العهدة العمرية” المستمدة بنودها من أحكام الشريعة الإسلامية فاضطر المسيحيون للانصياع لشروطها المذلة حتى لا ينكل بهم. بموجب العهدة العمرية يتعهد المسيحيون “بعدم بناء أديرة جديدة أو كنائس أو صوامع للرهبان فى المدن أو بالقرب منها وعدم القيام بإصلاحات أو ترميمات بالليل أو بالنهار فيما يوجد منها فى الأماكن الخربة أو تلك التى تقع فى وسط أماكن المسلمين”

وكما تقول المراسلة ميرى عبد المسيح :"بناءً على هذه القوانين يستطيع أى مواطن مسلم أن يبنى جامعاً بعد الحصول على تصريح من البلدية أما الأقباط فيحتاجون إلى موافقة من رئيس الجمهورية شخصيا لبناء كنيسة. كما يحتاج المسيحيون أيضا إلى موافقة المسلمين الموجودين بالمنطقة المراد بناء الكنيسة بها. وحتى بعد الحصول على الموافقات والتصاريح لبناء الكنيسة فإن المسلمين يقومون بالاعتداء على المسيحيين وهدم كنائسهم وحرقها. إن مجرد إشاعة بأن المسيحيين يجتمعون للصلاة فى مكان ما تكون سبب كاف لجيرانهم المسلمين للقيام بأعمال عنف ضدهم. وقد أوقفت أجهزة الأمن المصرية أعمال البناء فى كنائس كثيرة بحجة تجنب الفتنة الطائفية وذلك بسبب اعتراض المسلمين على وجود الكنائس.

لقد قامت أجهزة الأمن المصرية مؤخرا باقتحام مبنى كنيسة تحت الإنشاء فى منطقة الطالبية حيث يعيش أكثر من مليون مسيحى وليس لديهم ولا حتى كنيسة واحدة. تذرعت أجهزة الأمن بوجود مخالفات طفيفة فى شكل البناء وعندما تجمهر الأقباط للدفاع عن كنيستهم أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع واستخدمت الذخيرة الحية مما أدى إلى مقتل أربعة من المسيحيين من بينهم طفل رضيع وأصيب تسعة وسبعين آخرين إصابات شديدة كما أصيب اثنان وعشرون آخرين بالعمى الكلى أو الجزئى. كما قامت الشرطة أيضاً بإلقاء القبض على مائة تسعة وسبعين قبطياً من بينهم نساء وأطفال. وقد اشتكى أحد نشطاء حقوق الإنسان إذ أن المصابين الأقباط كان يتم ربطهم بالسلاسل الحديدية فى أسرة المستشفى حتى يتم شفاؤهم لينقلوا إلى السجون.

وقد زاد من تفاقم الموقف قيام بعض رموز المسلمين بإصدار فتاوى يشبهون فيها بناء كنيسة ببناء نادى ليلى أو كازينو للقمار أو حتى حظيرة لتربية الخنازير أو القطط والكلاب. كما ظهر أحدهم على قناة الجزيرة ليوجه اتهامات سخيفة للأقباط بتخزين أسلحة فى الكنائس وبالقيام بتعذيب نساء مسلمات داخل الأديرة.

لقد حدث كل ذلك فى مصر “العلمانية” تحت حكم مبارك. أما الجيش الممسك بزمام السلطة الآن فى مصر فقد قامت قواته المسلحة باقتحام دير أثرى من القرن الخامس الميلادى وفتحت النيران على الرهبان بينما تعالت صيحات الجنود “الله أكبر” (أنظر الفيديو هنا) فهل يمكن تصور مستقبل الأقباط فى هذا البلد إذا تمكن الأخوان المسلمون من الوصول إلى السلطة؟

تلك هى مأساة المسيحيين وكنائسهم فى العالم الإسلامى. والمثير للسخرية أن المساجد - التى يعمل بعضها على نشر التطرف ويستخدم كمراكز للإرهاب - تزداد أعدادها ويزداد انتشارها على الأراضى الأمريكية بينما الكنائس فى طريقها أن تتلاشى من الوجود فى الشرق الأوسط الذى هو مهد المسيحية. باختصار، بينما تسمح أمريكا للمسلمين ببناء مسجد ضخم على مقربة من موقع تفجير برجى التجارة العالمية على يد إسلاميين كان للتعاليم التى تلقوها داخل المساجد دور كبير فى دفعهم نحو هذا التطرف، فإن أصدقاء أمريكا “المعتدلين” فى العالم الإسلامى يضطهدون المسيحيين وكنائسهم بكل تبجح.

تلك الازدواجية الفاضحة فى المعايير هى – أو بالأحرى يجب أن تعتبر - جُرماً. فهل من المستغرب بعد كل ذلك القول بأن الغرب مازال أمامه طريق طويل لكى يفهم ويستطيع أن يتوصل إلى طريقة فعالة للتعامل مع آفة “الأصولية الإسلامية”

Raymond Ibrahim, a specialist in Islamic history and doctrine, is the author of Defenders of the West: The Christian Heroes Who Stood Against Islam (2022); Sword and Scimitar: Fourteen Centuries of War between Islam and the West (2018); Crucified Again: Exposing Islam’s New War on Christians (2013); and The Al Qaeda Reader (2007). He has appeared on C-SPAN, Al-Jazeera, CNN, NPR, and PBS and has been published by the New York Times Syndicate, the Los Angeles Times, the Washington Post, the Financial Times, the Weekly Standard, the Chronicle of Higher Education, and Jane’s Islamic Affairs Analyst. Formerly an Arabic linguist at the Library of Congress, Ibrahim guest lectures at universities, briefs governmental agencies, and testifies before Congress. He has been a visiting fellow/scholar at a variety of Institutes—from the Hoover Institution to the National Intelligence University—and is the Judith Friedman Rosen Fellow at the Middle East Forum and the Distinguished Senior Shillman Fellow at the Gatestone Institute.
See more from this Author
‘We Must Have More Children than the Christians … to Destroy Them Here’
Turkish President Recep Tayyip Erdoğan: ‘The West’s Progress, Built on Blood, Tears, Massacres, and Exploitation, Has Temporarily Overtaken the Human-Centered Civilization of the East.’
The Materialistic West Increasingly Only Understands Motives Prompted by Material Needs or Desires
See more on this Topic
I recently witnessed something I haven’t seen in a long time. On Friday, August 16, 2024, a group of pro-Hamas activists packed up their signs and went home in the face of spirited and non-violent opposition from a coalition of pro-American Iranians and American Jews. The last time I saw anything like that happen was in 2006 or 2007, when I led a crowd of Israel supporters in chants in order to silence a heckler standing on the sidewalk near the town common in Amherst, Massachusetts. The ridicule was enough to prompt him and his fellow anti-Israel activists to walk away, as we cheered their departure. It was glorious.